عباس شراقي يكشف حقيقة ادعاءات إثيوبيا الأخيرة حول سد النهضة ويُفنّد بيان الخارجية الإثيوبية

عباس شراقي يكشف حقيقة ادعاءات إثيوبيا الأخيرة حول سد النهضة ويُفنّد بيان الخارجية الإثيوبية
عباس شراقي يكشف حقيقة ادعاءات إثيوبيا الأخيرة حول سد النهضة ويُفنّد بيان الخارجية الإثيوبية

قال الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، إن البيان الأخير الصادر عن وزارة الخارجية الإثيوبية بشأن ملف سد النهضة تضمن — على حد وصفه — "جملة من المغالطات والاتهامات غير المستندة إلى أي حقائق"، مشيرًا إلى أن اتهام إثيوبيا لمصر برفض الحوار أو زعزعة استقرار القرن الأفريقي هو ادعاء عارٍ تمامًا من الصحة.

وأوضح شراقي أن مصر انخرطت في المفاوضات منذ اللحظة الأولى لوضع حجر أساس السد في أبريل 2011، بدءًا من زيارة رئيس الوزراء المصري الأسبق الدكتور عصام شرف إلى أديس أبابا، مرورًا بتشكيل لجنة دولية لتقييم آثار السد بين عامي 2012 و2013، ثم سلسلة طويلة من اللجان الثلاثية والستائية والتساعية التي استمرت لسنوات دون نتائج ملموسة بسبب المواقف الإثيوبية المتشددة.

وأشار إلى أن مصر، وبعد تعثر المسار الفني، قبلت وساطة الولايات المتحدة والبنك الدولي، وهو المسار الذي انتهى بصياغة اتفاق شامل في فبراير 2020 وقّعت عليه مصر منفردة بعد غياب إثيوبيا عن الجلسة النهائية. ومع استمرار الجمود، وافقت مصر مرة أخرى على إطلاق جولة جديدة تحت رعاية الاتحاد الأفريقي عام 2020، لكن التعنت الإثيوبي حال دون تحقيق أي تقدم.

ولفت شراقي إلى أن القاهرة لجأت إلى مجلس الأمن مرتين، في 2020 و2021، بهدف دفع العملية التفاوضية، ليعيد المجلس الملف إلى الاتحاد الأفريقي، ثم منحت مصر — رغم ذلك — فرصة جديدة لمفاوضات امتدت حتى ديسمبر 2023 دون أن تتغير المواقف الإثيوبية التي استمرت ثابتة لعقد كامل.

وأكد الخبير المصري أن القيادة الإثيوبية حاولت توظيف قضية السد داخليًا لصرف الأنظار عن أزماتها الاقتصادية والسياسية، مشيرًا إلى أن أديس أبابا بدأت في فتح ملفات إقليمية جديدة للحصول على منفذ بحري، ما يعكس — وفق قوله — رغبة إثيوبيا في خلق صراع خارجي بديل بعد انتهاء أزمة السد.

ونفى شراقي ما تروّجه إثيوبيا عن "تهديدات مصرية"، مؤكدًا أن الموقف المصري ظل دبلوماسيًا ومتزنًا، وأن المسؤولين المصريين التزموا دائمًا بالقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، بينما صدرت عن الجانب الإثيوبي تصريحات مباشرة تتحدث عن استعداد للحرب، من بينها إعلان رئيس الوزراء الإثيوبي عام 2019 إمكانية "تجنيد مليون مقاتل" إذا لزم الأمر.

Big Offers For Labtops عروض مميزة على اللاب توب

كما أوضح أن التعاون المصري مع الدول العربية والأفريقية، بما فيها بروتوكولات التعاون العسكري مع السودان والصومال وإريتريا، هو تعاون طبيعي لا علاقة له بملف السد، ولا يمكن اعتباره موجهًا ضد إثيوبيا.

وفي سياق الرد على الادعاءات الفنية، أوضح شراقي أن ما ورد في البيان الإثيوبي حول مساهمة النيل الأزرق في مياه النيل "غير دقيق"، مؤكداً أن مساهمته تبلغ نحو 50 مليار متر مكعب سنويًا، أي حوالي 60% من إجمالي المياه الواردة إلى مصر، وليس 86% كما ورد في البيان.

وأكد أن الأنهار الدولية ليست ملكًا لدولة بعينها، بل تخضع لاتفاقيات دولية ومبادئ قانونية ثابتة، أهمها الإخطار المسبق وعدم إلحاق الضرر بدول المصب، مشيرًا إلى أن رفض إثيوبيا للاتفاقيات التاريخية بحجة أنها وُقعت في زمن الاستعمار يتعارض مع مبادئ الأمم المتحدة التي تلزم الدول باحترام اتفاقيات الحدود والمياه الموروثة.

كما ذكّر شراقي بأن مصر وإثيوبيا تجمعهما ست اتفاقيات تاريخية تمتد من عام 1891 إلى إعلان المبادئ عام 2015، ولا يجوز لأي طرف إلغاؤها بشكل أحادي.

واختتم حديثه بالتأكيد على أن الموقف المصري ثابت منذ البداية: الحوار، والتعاون، وتجنّب الصراع، قبل أن يتساءل: "هل ستستمع إثيوبيا هذه المرة لصوت العقل؟".