ما حقيقة أزمة السوريين في مصر؟ كواليس القرارات الجديدة وموقف الإعلام السوري

ما حقيقة أزمة السوريين في مصر؟ كواليس القرارات الجديدة وموقف الإعلام السوري
ما حقيقة أزمة السوريين في مصر؟ كواليس القرارات الجديدة وموقف الإعلام السوري

شهدت الأيام الماضية حالة من الجدل الواسع داخل الجالية السورية في مصر، بالتزامن مع تشديد الحكومة المصرية لإجراءات تنظيم الإقامة وتقنين أوضاع الأجانب. وفي الوقت نفسه، خصّص التلفزيون العربي السوري عدة تقارير تناولت تعامل مصر مع السوريين، متجاهلًا في المقابل التصعيد الإسرائيلي في الجنوب السوري، وهو ما أثار تساؤلات عديدة حول توقيت وطبيعة التغطية الإعلامية.

أزمة أوراق والإقامة… المشهد من البداية

خلال الفترة الأخيرة، واجه آلاف السوريين في مصر صعوبات في استكمال معاملاتهم الرسمية، سواء في ما يتعلق بتجديد الإقامة، أو تسجيل أولادهم في المدارس، أو متابعة أنشطتهم التجارية. وتشمل أبرز المشكلات المتداولة:

  • تعذر قيد الطلاب السوريين في المدارس لعدم اكتمال الأوراق المطلوبة، وإيقاف ملفات بعض الطلاب المقيدين مسبقًا لحين استيفاء المستندات.

  • توقف أعمال بعض الأنشطة التجارية لعدم قدرة أصحابها على توفير المستندات اللازمة أو تقديم الإقرارات الضريبية.

  • تشديد التعاملات البنكية، حيث باتت بعض البنوك تطلب مستندات إضافية لفتح الحسابات أو سحب التحويلات الواردة من الخارج.

  • صعوبة تجديد الإقامة لمن انتهت صلاحيتها دون استكمال الشروط الجديدة، رغم سهولة إجراءات تجديد جواز السفر ذاته.

  • توقف إجراءات الزواج المختلط بين مصريين وسوريين في عدة حالات بسبب عدم قبول توثيق الأوراق الناقصة، ما أدى لتعطّل تسجيل بعض المواليد.

  • تعليق إصدار الإقامات التعليمية والسياحية والاستثمارية، بعد اكتشاف وجود شركات وهمية كان البعض يستخدمها للحصول على إقامة بصفة موظف أو مستثمر.

  • عدم إمكانية استخراج خطوط هاتف جديدة بدون إقامة سارية.

السفر والترحيل… إجراءات جديدة على الأرض

باتت مكاتب الجوازات والمنافذ تتعامل مع من يفتقد إقامة سارية باعتباره مخالفًا لقانون الإقامة، ويتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحقه، وقد تشمل الترحيل بعد مراجعة وضعه.

وتزامن ذلك مع حملات إعلامية سورية تنتقد التعامل المصري مع السوريين، في وقت لم تتناول فيه هذه الوسائل التصعيد الإسرائيلي الجاري في الأراضي السورية.

لماذا اتخذت مصر هذه الإجراءات الآن؟

لا تعكس هذه التغيرات – وفق مصادر مطلعة – رغبة في التضييق على السوريين تحديدًا، بل تأتي ضمن خطة بدأت منذ ثلاث سنوات لتقنين أوضاع جميع الأجانب في مصر، بما في ذلك السوريون والسودانيون وغيرهم، بعد سنوات طويلة من الاستضافة دون قيود.

Big Offers For Labtops عروض مميزة على اللاب توب

فمنذ نحو 12 عامًا، سمحت مصر للسوريين بالتمتع بالحقوق الأساسية أسوة بالمواطنين، دون أن تُفرض عليهم التزامات أو رسوم مماثلة، وكانت الإقامة تُمنح برسوم رمزية لم تتجاوز 20 دولارًا كل ثلاثة أشهر، مع إعفاءات واسعة للنساء والأطفال وكبار السن.

لكن مع ازدياد الأعداد، وظهور مخالفات في ملفات الإقامات، بدأت مصر في تطبيق منظومة جديدة تشترط:

  • دفع رسوم إقامة سنوية تصل إلى نحو 2000 دولار رسوم + 2000 دولار تكاليف.

  • الانتقال من صفة "نازح" أو "ضيف" إلى "لاجئ" وفق قواعد محددة.

  • إخضاع الحسابات البنكية والتحويلات لرقابة تنظيمية.

  • استيفاء شروط أمنية وإدارية قبل الموافقة على الإقامة.

  • تحميل أي مواطن مصري مسؤولية قانونية إذا أجر مسكنًا لأجنبي بلا إقامة سارية.

السياق الأوسع… أرقام وتحديات

تُقدَّر أعداد المقيمين والنازحين واللاجئين في مصر رسميًا بنحو 10 ملايين، بينما تشير التقديرات الميدانية إلى وصولهم إلى 14–15 مليونًا. وتزامن هذا مع ارتفاع تكلفة المعيشة، وأعباء الإصلاح الاقتصادي، وتداعيات الأزمات الإقليمية.

ورغم ذلك، استمرت الحكومة المصرية في منح فترات سماح امتدت لثلاث سنوات متتالية، لإتاحة الفرصة لتقنين الأوضاع قبل بدء تطبيق الإجراءات الجديدة بشكل كامل.

الخلاصة

ما يجري اليوم لا يُعد توترًا طارئًا بقدر ما هو انتقال إلى مرحلة جديدة من تنظيم الإقامة داخل مصر، بعد سنوات من التساهل، وفي ظل ظروف اقتصادية ضاغطة. وبينما يشعر كثير من السوريين بأنهم يواجهون تضييقًا مفاجئًا، ترى الحكومة المصرية أن ما يحدث هو "تصحيح للمسار" وحق سيادي تأخر تطبيقه لسنوات.

ويبقى السؤال: هل تتكيف الجالية السورية مع المتطلبات الجديدة؟ وهل سيتوقف الجدل الإعلامي الذي أثارته تغطيات التلفزيون السوري؟
الأسابيع المقبلة ستكشف المسار.